تعريف:
تشتهر منطقة وهران بنوع خاص من أنواع الفساتين التي ترتديها المرأة وتُعرف باسم "البلوزة الوهرانية"، نسبة لعاصمة الغرب وهران. تسمية ينسبها الكثير من الباحثين المهتمين بتاريخ المنطقة إلى التأثير الإسباني المستوحى من كلمة "Blouze" وتعرف أيضا باسم "العباية"، بينما تعرف في باقي المناطق الأخرى من الجزائر "بالـﭬندورة" وجمعها "ﭭــنادر". وهي في الغالب لباس طويل يرتخي إلى تحت الكعب حتى يلامس سطح الأرض أحيانا يضيق ويتسع أحيانا أخرى في شكل مخروطي ويلازمه لباس داخلي يدعى "الجلطيطة". وفي حين للبلوزة أكمام طويلة أو قصيرة، قد لا يكون للجلطيطة أكمام.
على ممر التاريخ، شهدت صناعة "البلايز" عدة تطورات تحاكي تطور المجتمع وحاجاته الاجتماعية والاقتصادية، فهي تختلف من حيث القطع والتقاطيع ونوعية القماش التي تصنع منها ومن حيث ونوعية المواد التي تزين بها. فقد يتكون هذا اللباس من قطعتين أو ثلاث متصلة فيما بينها وهي: الجلال، الصدر والكمّين أو ما يعرف "بلمانش" وهي تلك القطع التي تغطي الذراعين من أعلى الكتف وتكون بمقاسات مختلفة (قصيرة أو نصف كمّ أو ذراع كامل).
موديل قديم لبلوزة بنصف كم وحزام رقيق (صاحبة الصورة مدام لكباد)
موديل أمامي لصدر بلوزة بأكمام قصيرة (صاحبة الصورة مدام سحري)
صورة لبلوزة السمق (1930)
بكمين على شكل جناح الطيارة (صاحبة الصورة مدام صدار)
انتشار البلوزة واختلافاتها الجهوية:
وإن كانت البلوزة الوهرانية هي التي اشتهرت بهذا الاسم منذ نهاية القرن التاسع عشر وهي تسميات حديثة بالنسبة لهذا اللباس، فإننا نجد ما يعادلها في عدة مناطق من الوطن. البلوزة هي نفسها من حيث النعت "الـﭬندورة"، من أجل ذكر "الفستان"، فنجد ناحية الشرق الـﭬندورة القسنطينية مثلا، أو البنوار من أجل ذكر البنوار السطايفي في سطيف، كما نجد البلوزة النايلية نسبة إلى المرأة النايلية (نسبة لقبيلة أولاد نايل في الحضنة)،... كما نجد في المنطقة الغربية من الوطن البلوزة المستغانمية والبلوزة التلمسانية... ظاهريا تعد الفروقات في تصميم هذه الفساتين قليلة، لكنها في الحقيقة تمثل تمايزات واضحة بالنسبة لأصحابها، فمثلا الفرق بين البلوزة الوهرانية والبلوزة السطايفية، أن البلوزة الوهرانية لها أكمام مفصلة لوحدها وتكون إما 3 أرباع أو طويلة أو طيارة. أما في بلوزة سطيف (البنوار) فتعد امتدادا لتفصيل قطعة الصدر حتى يضم الأكمام. وقد عرف هذا النوع من الخياطة في وهران "بخياطة كوكا كولا".
مضمون تصميم البلايز:
قد يكون قماش البلوزة من حرير أو قطيفة أو نايلون أو كتان قطني أو دنتيلا... وقد تكون زينتها (حرجها) من الطرز الحريري أو الفتلة أو المجبود أو الكريكدة أو السمق أو المور أو العدس... كلها أسماء تتعامل بها الخياطات وبائعي أكسيسوارات الخياطة. كما قد يكون سادة بدون أي زينة مثل تلك البلوزة التي ترتديها المرأة المتقدمة أو تلك البلوزة المخصصة للمناسبات المناسبات الغير سعيدة والتي تعرف ببلوزة الوقر.
رسم لمودلان مختلفان من صدر البلوزة (صاحبة الرسم مدام سحري)
صور متعددة من تقاطيع لباس المرأة الوهرانية: البلوزة بالطرز المالي والكريكدة والجلطيطة المرافقة له بنفس اللون (اغراض مدام صدار) |
بلوزة تعمار بالسمق والمور : زينة تعمار يدوي خالص (صاحبة الفستان مدام صدار)
قد تغطي الزينة كامل الفستان كما كان ذلك في القديم وقد تنحصر على الجزء العلوي فقط. كما قد تكون وجها واحدا أي صدر فقط أو مزينة في الصدر والظهر. هذا الجزء من حرفة الخياطة يعرف "بالتعمار أو العمارة"، أي تزيين الثوب بعد تفصيله، وهو ما يعرف في العاصمة "بالحرج". أما عند بائع الاكسسوارات فيعرف "بالاقامة".
والملاحظ أن البلوزة الوهرانية في القديم لم تكن تشد في الخصر بالخيط المطاطي أي "بلاستيك"، بل كانت تشد بالحزام فقط. لكن مع التطور أضيف لها هذا الشدّ لتحديد أكبر لجمال خصر المرأة.
صورة لقفا بلوزة يوضح شكل وموقع الخطوط المطاطية "لاسيك"
|
|
يتكون زي الفستان الوهراني في العادة من ثلاث أو أربعة قطع وهي: البلوزة والجلطيطة (اللباس الداخلي) وسروال عرب (سروال الشقة أو سروال التستيفة النسوي) الذي يكون عرضه ابتداء من متر ونصف ويستعمل فيه قماش حريري مثل الساتان أو ما يشبه ذلك مثل الكريب crêpe satin/ la soie satinée ، بالإضافة إلى الحزام الرقيق أو العريض والبنيقة و تسريحة أخرى للرأس.
صورة الجلطيطة
|
صورة سروال عرب
|
(أغراض تعود لمدام صدار) |
صورة لمرأتان بالبلوزة الوهرانية وحزامة الكابوس المطرزة بالمجبود
(صاحبة الصورة مدام لكباد)
التعمار:
في القديم كانت البلوزة الوهرانية جد بسيطة من حيث الزينة، وعلى حسب شهادة السيدة "صدار" احدى الخياطات القديمات لهذا النوع من الفساتين، تطور "التعمار" وأضيفت له الحاشية والسموك (nid d’abeille). وعلى رأيها أن الفرق بين البلوزة الوهرانية الأصلية والبلوزة التلمسانية، أن الأولى فيها لخراط والثانية تشد عند الخصر بالخيط المطاطي "لاستيك".
في منطقة وهران، تشتهر بلوزة النصّ (النصف) ولخراط، وهي عامة بلوزة مركبة من ثلاثة أنواع من القماش تكون مبطنة "بالفينا" ونصفها العلوي من قماش معين والنصف الآخر من قماش آخر مثل قماش الموسلين بالإضافة إلى قماش الـﭭيبير (Mousseline + Guipure). أما لخراط فهي تلك التقاطيع التي تأتي هرمية الشكل في النصف السفلي من اللباس (الجلال) لتعطيه شكلا مخروطي يتسع عند القاعدة ليضيق عند الخصر. فيفصل صدر البلوزة من جهة، ثم يرسم الباترون ويوضع على الصدر المفصل، وبعد ذاك يملأ بمواد الزينة المرغوب فيها : تعمار أو طرز...
كما كانت المرأة الوهرانية تحاكي الممثلات والمطربات العالميات في لباسها مثل برجيت باردو وأم كلثوم وغيرهن محاولة بذلك تقريب البلوزة من أشكال ألبستهن ومن العالمية. فعرفت البلوزة عدة تطورات تجعلها تتميز عن باقي النساء بالعصرنة ومواكبة الموضة. فألغت في مرحلة ما الأكمام نهائيا، لتجعل من بلوزتها لباسا للسهرات.
بلوزة السهرات بدون أكمام نهائيا. (صور من أغراض لمدام صدار) الجلطيطة فاليزيار والجلال طبقة فوق طبقة 3 طبقات تجي ديكولتي بالدنتيلا. كانت تحاكي الممثلات العالميات والمثصريات. بلوزة النص بالدنتيبلا والسلتان بانو وحزام والبروتال بروش |
|
|
أنواع البلايز ومواضعها:
هنالك عدة أنواع من البلوزة في ناحية الغرب، أشهرها:
- بلوزة الكرسي: وتختص بها العروس وتكون ثقيلة بالزينة، إما بالمجبود أو الفتلة أو السمق أو العقيق أو الدنتيلا...
- بلوزة القيمة: تلبس في المناسبات والزيارات وهي على جانب من الخياطة الرفيعة والزينة،
- بلوزة لكبارات: وهي بلوزة مخصصة للمرأة الكبيرة في السن وتكون بدون زينة ملفتة،
- بلوزة الوقر: وهي بلوزة خصوصية لحضور المناسبات الحزينة مثل: المرض أو الجنازات. لها ألوان فاتحة بسيطة التقاطيع وبدون زينة التعمار. وهذا النوع من البلايز لا يزال فستانا ضروري تواجده في جهاز العروسة خصوصا لدى المرأة التلمسانية. عادة ما يكون لونه أبيض وصدره مضبوط إما بالحاشية أو بالسموك أو بتقنية (zig zag) أو بتقنية خلية النحل ( (nid d’abeille
- البلوزة البيضاء: بلوزة يوم الزفاف،
- بلوزة الدار أو بلوزة الكوزينة: وهي بسيطة التقاطيع وبسيطة الزينة، ترتديها المرأة حين تقوم بأشغالها المنزلية،
- بلوزة المنسوج هي تخصص تلمساني، يفصل فيها الصدر وحده ويزين بالتعمار. وقد وصلت إلى وهران منذ الاستقلال سنة 1962،
- بلوزة النص لا يوجد فيها تعمار أي زينة، بسيطة التقاطيع تفتح من الجهتين، فيلصق فيها لباس داخلي يعرف "بجبون (jupon) أو يرتدى تحتها السروال المدور العريض
- بلوزة الحمام: ليست كثيرة الزينة تكون الألوان فيها فاتحة بين الوردي والأبيض ولها جملة ألبسة بنفس اللون مثل السروال، البنيقة (بنيقة السخون وبنيقة الخروج)، مناشف الحمام...،
- بلوزة الطرز بالحرير،
- بلوزة الطرز بالمجبود (...)
بلوزة السمق (لصاحبتها الحاجة يامنة)
بلوزة عصرية بنصف كم شفاف |
بلوزة عصرية بأكمام طويلة شفافة |
||
|
|||
بلوزة عصرية: صدر وظهر مزين، بلاستيك لشد الخصر |
|
||
البلوزة وقماشها:
يوجد في مدينة وهران عدة أسواق شعبية قديمة تبيع القماش الذي تصنع منه البلوزة، أبرزها وأهمها الكائنة بحي الدرب والمدينة الجديدة. وان تطور العمران، فلم تخلو المحلات الجديدة من بيع نفس القماش.
وقد تتطور سماءأسماء الاقمشة التي تستعمل في صناعة البلوزة الوهرانية بتسميات تتماشى مع العصر. وكلما كانت مناسبة بارزة تظهر معها نوعية جديدة من القماش، فتأخذ البلوزة اسمها من هذه الموضة، مثل: "قماش البارابول"، "قماش عفسة حليمة في الماريكان"، "قماش كأس العالم"، "قماش الزعيم" ...
قد تفصل البلوزة حسب موضة الممثلات العالميات، أو أن المناسبة التي تخاط من أجلها تؤثر على كيفية تزيينها. فمثلا "بلوزة بريجيت باردو" كانت مفتوحة جدا على الصدر وبدون أكمام، أما بلوزة الحج فهي مستورة بلون فاتح وأكمام طويلة، بدون زينة أي بدون تعمار، وهي في ذلك تشبه بلوزة الوقر.
عادات وتقاليد في حضور البلوزة:
البلوزة وعادات احتفالات الزفاف في ناحية وهران
من العادات القديمة لصناعة البلوزة أن تحرص الأمهات على أن تصنع بناتهن بلوزاتهن بأنفسهن. فأول لباس كانت تصنعه الفتاة بيدها كان بمثابة أول فستان تفتتح به طاقم عرسها أو جهازها. وعادة ما يكون مزين بتعمار السمق والمور كما تصنع معه البنيقة بنفس اللون أي المنديل الذي تضعه على رأسها وكان في القديم يسمى (تبخنيقة).
أول بلوزة لمدام صدار تعود للستينيات من القرن الفارط
1/ الخطوبة: في القديم كانت البنت تزوّج عند البلوغ. وكانت زيارة الحمام بمثابة ركن للتعارف بغية الزواج. فكانت العائلات يكتشفن الفتيات المقبلات على الزواج في الحمام. وكانت بينهن "طيابة الحمام" ترتب المواعيد للقاء بين نسوة العائلتين بكل حميمية. فكانت الأم أو ولية الرجل تكتشف زوجة ابنها المستقبلية عن كثب. كما كان الرجل أيضا يخطب لابنه مباشرة من أهل أصدقاءه، فيقول له: " إذا كانت عندك بنت أتركها لابني".
والمناسبات الاجتماعية السعيدة تعد هي أيضا موضعا للخطوبة. فكان من العادات في الأعراس توضيب مكان معين للعازبات لكي يجلسن الواحدة بجانب الأخرى في كامل زينتهن وهي ترتدي لهذه المناسبة بلايز مختلفة الأثمان والألوان.
وبعد مرور يومين أو ثلاث، عندما يوافق على العريس، تذهب مجموعة من نساء العائلة الخاطبة إلى بيت الفتاة وتأخذ معها الحلويات والورود والمال وقطعة من الذهب وقطع من القماش، ترقبا لأن تستعمل لخياطة بلايز جهاز العروس. هذه الزيارة تسمي "العربون". خلالها، تقول أكبرهن سنا أو شأنا: "جيناكم بالحسب والنسب بنتكم عجبتنا لا تمدوها لولدنا". وعادة ما يواجبون رسميا بالقبول. "رانا مديناها لكم". ثم تخرج الفتاة لتراها عائلتها المستقبلية وهي تلبس بلوزة بسيطة الزينة.
2/ قطيع الشرط: بعد هذه المراسيم الأولية للخطوبة حيث وافقة النسوة على اختيار البنت، يتكلم الرجال في "قطيع الشرط" أي المهر. وبعد ذاك يحدد موعد قراءة الفاتحة.
3/ قراءة الفاتحة: تكون الفاتحة في بيت العروس قبل العرس بحضور الإمام والرجال من كلى الطرفين. وهذه هي أول زيارة للرجال في بيت أهل الفتاة. حيث يأتي ناس العريس بخروف أو أكثر وكيس سميد والخضر والفواكه وحتى مقدار من المال. قديما كان لا يحضر الفاتحة إلا الرجال وقد تذهب معهم امرأتان أو ثلاث ومعها (مجموع الهدايا من لباس وعطور ومواد التجميل) والشرط (المهر) و"دراهم الحمام" التي يرسلها الخاطب لزوجته وتعرف هذه الممارسة "بصينية الفاتحة". بعد أداء الطقوس الدينية للزواج، من الواجب تقديم مأدوبة الغذاء أو ما يعرف بفطور أو عشاء الحلال.
4/المسادنات: من العادات القديمة في مراسيم الزفاف، تجهيز "المسادنات" أو العراضات وهن النسوة التي تخرج لدعوة الأهل والأحبة والجيران لحضور حفل الزفاف. المسادنات فعلها "تسادن" وهو فعل عامي مؤنث، تقوم به مجموعة من النساء المقربات المتزوجات من أهل العروس أو العريس، تخرجن بعدد فردي إما ثلاثة أو خمسة... والمثير أنهن تخرجن بلباس واحد متشابه في اللون والقطع، قد تشتريه أو تجهزه أم العروس أو العريس لهن . فمثلا كلهن يخرجن ببلايز وردية اللون وبلايغ مطرزة بالمجبود وحاياك الحرير... وعندما يدخلن لدعوة أهل البيت، يُرَشَهنَّ هؤلاء بأطيب العطور. ومنذ خروجهن في الصباح، إلا وتكون قد أفطرت عند عائلة وتغذت عند أخرى واستقهت عند آخرين.
5/حمام العزبات أي حمام قبل الزواج: تدعو العروس قريناتها من بنات العمومة والأخوال والصديقات إلى مصاحبتها للحمام الذي يكون خطيبها قد دفع ثمنه في "صينية الفاتحة". وعادة ما يكون حمام العزبات بيوم الأربعاء قبل يوم الفاتحة الذي كان في القديم بيوم الخميس. تذهب الكوكبة جماعات تحمل لوازم الحمام الفاخرة وهي تردد الأغاني والزغاريد وتدق على الدربوكة، وتحمل الحلويات، كصينية القريوش ودلو المقروض وبعض المشروبات المنعشة. عند اتمام عملية الحمام، تدفع العروس ثمن أغلى من صديقاتها. وعند الرجوع إلى البيت مع جميع المستحمات، تجد أمها قد حضرت لها "السيرودان" كأكلة للعشاء. والسيرودان عبارة عن أكلة بالدوارة أي حوايا وأمعاء وكرش الماشية. تأكل العروس وتنام مبكرا على خلاف باقي دار العرس الذين يتمم سهرتهن.
بلوزة الخروج من الحمام بطرزة خلية النحلة وتتبعها الجلطيطة من تحت والبنيقة فوق الرأس كل القطع بنفس اللون (معرض التراث بقصر الثقافة أوت 2020 )
قبل العرس بأسبوع، يالقافُرسل جهاز العروس وأمتعتها وفرشها لبيتها الزوجي، ونجد فيه 6 مطارح صوف (أفرشة غليظة)، 6 لحوفة (أفرشة رقيقية)، 6 أغطية (كوفيرتات)، 6 وسادات (مخايد)، زربية، غطاء فراش النوم (couvre lit)، أغطية رقيقة من الكتان (drap)، و6 حقائب مملوءة بمختلف الألبسة فيها بلوزات بأصنافها لكل المناسبات التي سيق ذكرها.
6/ ليلة الحنة وطقوسها عند العروس قبل يوم الزفاف: في ليلة الحنة، تلبس العروس بلوزة المسلول وهو قماش حريري مطرز بخيوط ذهبية من أغلى ما هو موجود في الجهاز، أو تلبس "الردى" وهو أقل تكلفة. وتكون مغطاة الوجه.
طبق الحنة يتكون من ماء الزهر وكمية من ورق الحناء المطحون والشمع. لحلول البركة بذا الزواج، تدعى امرأة كبيرة في السن من أهل العريس أو من أهل العروس لتضع لها الحناء. توضع الحناء على هيئتها مطحونة في صحن، يضاف لها ماء الزهر. تشعل بجانبي العروس شمعتان كبيرتان تحملهما فتاتان يافعتان. يوضع خليط الحناء في يد العروس فوق قطعة من الذهب وتربط بقطعة من القماش. ومن العادة أن يحفظ صحن حناء العروس جيدا خوفا من تدبير طقوس ايذائها عن طريق السحر.
يوم الحنة عند الرجل يعرف بيوم "التڤصيرة" الذي يدعو إليه العريس أصحابه وأصدقاءه، وعادة ما يكون يوم الأربعاء.
توضع صينية الهدايا فوق رأس العروس وهي جالسة وبعدها "يبرحوا" أي يخبروا بصوت مرتفع المدعوين بما فيه من هدايا ومجوهرات. بعد ذلك يتقدم الحضور لتقديم عطاياهم من ذهب ونقود وعند الانتهاء تأتي أم العروس فتجمع الهدايا في صرة ثم تحتفظ بها. من بعد ما تحمل الصينية، تطفئ الفتيات الشمعتان في الحليب أو ماء الزهر الذي يوصي شربه للعازبات بحثا عن فأل الالتحاق بالعروس والزواج.
بعد مراسيم الحناء وجمع الهدايا، تزيح الأم عن وجه ابنتها العروس الخمار، لكي تبرزها للحضور وتأخذ بيدها لوسط العامة داعية إياها للرقص معها وتكون الأم قد لبست أجمل ما خاطته للمناسبة من بلوزات.
بعد رقصتها الوحيدة، تذهب العروس مباشرة إلى غرفتها حتى مغادرة أهل زوجها. بعدها تخرج لأهلها بلباس أقل زينة، بدعية أو بلوزة مطرزة بالحرير (البرودي) على سبيل المثال.
الحلويات التقليدية التي تحضر في الأعراس الوهرانية: طورنو، كعك، غريبية، مقروط الزيت، ڨريوش. أما "لامونا" فتحضر في الجنائز. وكانت القريبات يحضرن الحلويات ويرسلنها لدار العرس إعانة منها لهم.
وقبل آخر استحمام تؤديه العروس في بيت أهلها، لابد عليها من ممارسات للنظافة الحميمية من قبل ماشطتها.
7/ يوم الدخلة: كانت الزوجة في الماضي تقدم بيتها الزوجي الجديد في "كاليش" ترافقها كوكبة من أهلها. وعند الوصول تحملها وزيرتها (أي المرأة المكلفة باطلاعها على أسرار الزواج) على ظهرها حتى تدخلها غرفة النوم. وهنالك تقليد وهو نوع من الممازحة يقوم به أهل العريس بأن يعطى لطفل صغير بعض المال ليحاول نزع خف العروسة من قدمها سرقة، فإن استطاع قيل أنها "جايحة"، وإن لم يستطع فهي ساجية "شاطرة".
وعند دخول الزوج الى مخدعه كان يدخل من تحت رجل أمه، التي تضع في عنقه سلسلة من قطع ذهبية تعرف "بسلسلة اللويز".
يوم الدخلة كانت العروس تلبس لباس جداتها بالمقلوب أو تلبس بلوزة بيضاء تخاط مثل الفستان الأبيض( la robe blanche ). عندما تدخل العروس لغرفتها، تقابل الزاوية حتى لا يرى وجهها أحد حتى يدخل زوجها إليها.
قديما، كان الناس يعملون الجريدة. وهي ممارسة تتكفل بها احدى العازبات التي تسجل اسم كل مدعو ونوع هديته. وكان الناس يُدعون الى الاكل من القصعة الواحدة يجتمع عليها خمسة أو ستة أفراد وعادة ما تتكون الوليمة من الكسكس باللحم.
كانت العروسة تلبس بلوزة الزعيم، بيضاء أو مزركشة باللون الفضي أو الذهبي، أو قماش "فينا معمرة" ويلبس فوقها "بالطو المجبود" الذي يعرف "بالجابادولي" وتتزين بالعديد من القطع الذهبية التي قد تستلفها أم العروس من نساء العائلة المدعوات، مثل كرافاش بولحية والسلسلة بالمسكية وسلسلة بالكتاب والسلسلة بالخامسة والسلسلة بالمفتاح والزراريف وسلسلة المنشار. وفي المعاصم: توضع المسيبعات والصميين ومسايس الزهر (بالمعادن الثلاث ذهب وفضة وحديد) والمنافخ، وتضع البريمات في كاحلها.
الجبادولي أو البالطو فوق البلوزة وفي الاصابع: خاتم الفولة وخاتم اللويزة. وفي الاذنين: منقوش الزروف، منقوش النجود، منقوش اللويزة. (صورة لمدام صدار) |
اما النسوة الكبيرات في السن فيضعن أقراطا تعرف بالمنقوش "المشرف أو الونايس".
ويوضع للعروسة منديل الفتول (غطاء رأس) على حسب زينة الفستان، إما بالفضي أو الذهبي.
صورة زروف ثلاثي البتلات
فوق منديل الفتول المعروفة في العاصمة بمحرمة الفتول، تضع الماشطة للعروس زوج جبنوات ( حلي يوضع على الجبين مثل التاج مفرده جبين) وفوق ذلك الزرارف ويغطى الوجه "بالفينا" أو بخمار حتى توضع الحنة للعروس.
8/ صباحية العرس: في صباحية العرس، لا بد على العروسة ارتداء البلوزة باللون الوردي أو كما يعرف اللون "الخوخي" لكي تستقبل الزوار والأقارب ولتشرب القهوة في قاعة الجلوس مع عائلة زوجها. بعد ذلك يأتي أهلها لتفقدها حاملين لها المسمن وبعض المعجنات والحلويات. بعد ذلك، من العادة أن تضع مئزرا قصيرا فوق بلوزتها الوردية لأن أم العريس سوف تكلفها بمهمة تنظيف سمك السردين وعجن الخبز.
9/ يوم الحزام: وإن تقلصت الأيام التي كانت تحزم فيها العروس حتى عادة تقتصر على الصباحية مباشرة، فإن طقوس "حزام العروسة" في القديم كانت لا تمارس قبل اليوم السابع من الدخلة، وتتضمن هذه الممارسات أن تضع العروس حزاما لأول مرة بعد استهلاكها للزواج. من التقاليد العريقة لهذه الممارسة أن يشد وسطها أصغر طفل ذكر في عائلة زوجها بحزام خاص وفي ذلك رمزية كبيرة على الخصوبة ومباشرة حياتها كمتزوجة. خلال هذه الطقوس لا بد لها من وضع بلوزة "الردى".
والردى لباس واسع قد يصل إلى 9 أمتار وهو غير مفصل. من أنواعه ردى ورقة البصل الكبيرة. عندما تلبسه لازم تكون جالسة على كرسي به وسادتان لكي تعلى. بعد اتمام طقوس الحزام، يوضع في حجر بلوزة العروس (الردى) سبع معالق أكل تيمنا بفال الخصوبة وانجاب الذكور، ثم يوضع في حجرها الحلوى والسكر والمكسرات لكي ترميها للحضور، ثم توزع القهوة والشاي والحلويات. وفي العرف الوهراني، العروسة تبقى عروسة حتى يأتي ابنها البكر أو حتى يحصل أول إنجاب.
صورة لنوعية من أحزمة الصوف التي تحزم به العروسة
صور لبلوزة الردى (مودال لمدام صدار) |
10/ المحضر: وهو احتفال يصاحب طقوس الحزام وهو تتمة لحفل الزفاف. حيث يقام الحفل عادة في سطح المنزل، عندما تصل المدعوة تدعى إلى أكل السفة بالزبيب (كسكس بالزبدة والزبيب)، ثم تصعد للسطح، أين العروس وباقي الحضور. حينها يفتح "المحضر" ما بين النساء بتنشيط من "المداحات" وهي فرقة موسيقية نسوية تؤدي طابع غنائي معين يتخلله رقص، حيث يفرش لهم سطح المنزل وتكون كل النسوة مرتديات أجمل البلوزات والتي تنهض للرقص تقدم المال للمداحات وتعرف هذه الممارسة "بالغرامة". وهنالك حزام خصوصا تعطيه المدحات لهن للرقص به. بعد ذلك تخبر المداحات أم العريس كم جمعت من المال لتفرقه فيما بعد بينها.
ممارسات احترازية متعلقة بالبلوزة:
ولاتقاء العين كانت المرأة الوهرانية في سائر الأيام تضع في بلوزتها ودعة (صدفة) أو تضع سلسلة بالخامسة (يد فاطمة) أو سلسلة الكتاب التي تضع فيها بعض التمائم خصوصا إذا كانت لها ذرية كثيرة.
ولتوخي عين السوء، كانت النافس تلبس بلوزة قديمة بيضاء أو وردية اللون وتضع الحنة في اليد. وخرجة المزيود الأولى تكون لمقام "سيدي الهواري"، حيث تضع له الحلوى في القلمون لتقسيمها على الزوار وتأخذ معها خبزة تقسمها على الحاضرين. بالإضافة لارتداء بلوزة الحمام الوردية، كانت المرأة تأخذ معها من أجل الحمام الأول لوليدها الفجل والحنة والشموع.
محررة ملف هذه البطاقة التقنية:
- السيدة بن عبد الله زهية أستاذة بحث بالمركز الوطني CNRPAH
بمساهمة كل من:
- السيدة صدار فاطمة: حرفية طرز على القماش مختصة في الخياطة الرفيعة والخياطة التقليدية. سابقا استاذة فرنسية،
- السيدة لكباد فتيحة: مندوبة الثقافة ببلدية وهران،
- السيدة سحري فضيلة: كاتبة ورسامة.